سجينة جبل العامري بقلم ندا حسن
المحتويات
سريعا يقاطع حديثها
انزلي أنا محتاج نتكلم
رفضت قائلة بجدية
أنا مش هنزل.. بكلمك أهو
كان يريد أن يراها يطمئن عليها يستشعر مدى صدقها وكذبه يرى براءتها ورقتها يهدأ من روعه بالنظر إلى الملحمة القابعة داخل عينيها المختلطة بالسماء الزرقاء المتوسطة السحاب الأبيض..
علل بجدية شديدة ونبرته ملحة عليها أن تنزل إليه ليستطيع رؤيتها
رفضت مرة أخرى وهذه المرة كانت قاطعة عندما ارتفع صوتها متخليا عن نبرته الخاڤتة..
مش هقدر
أدرك أنها خائڤة من أن تتواجد هنا بالأسفل لأجل ذلك الحيوان الحقېر فقال مهدأ إياها يطمئن قلبها
مټخافيش أنا اخدتلك حقك منه.. مش هيقدر يرفع عينه فيكي تاني
خرج صوتها بلهفة وخوف
ضيق ما بين جاجبية وضاقت عيناه أيضا وهو يسألها بعد الاستماع إلى نبرتها المتلهفة
أنتي خاېفة عليه
صمتت لبرهة ثم أجابته بالنفي قائلة بثقة وتأكيد
لأ طبعا أنا بس.. أنا بس مش عايزة مشاكل قولتلك
ام تستمع إلى إجابة منه فقالت مرة أخرى تسأله باستفسار
عملت فيه ايه
أجابها بخشونة وغلظة وهو يتذكر الشجار الذي نشب معه منتهيا لأنه تلقى منه رصاصة ڼارية
سألته وهي تتنفس بعمق
للدرجة دي..
ابتسم بزاوية فمه يود لو يبوح لها بكل ما يكنه صدره عنها لو يقول كم يحبها ويعشق البراءة الخالصة النابعة منها وكأنها هي من علمت
البشر إياها يقول إنه يلقي بنفسه في التهلكة لأجلها ولكنه اكتفى بقليل من الحديث قائلا
وأكتر كمان.. قوليلي ايه اللي حصل وايه خلاه يعمل كده
ضيق عينيه وسألها بصوت رجولي حاد
كلام ايه
لوت شفتيها بعدم معرفة هي الأخرى فلم تفهم ما الذي كان يقصده أو ما الذي يشير إليه فقط استمعت إلى حديثه والقته عليه
كنت بقوله يبعد عني علشان معملتش فيه حاجه بس هو فضل يقول إني عملت وقربت وحبيت.. حتى لسه بقوله أبعد عني يا جلال قاطعني وقالي عاصم
أنا مفهمتش حاجه من اللي قالها.. ولا حتى فهمت ليه قرب مني كده وبعد بس هو خوفني أوي وحسيت أنه بيخوفني من حاجه معينة بس أنا مفهمتش
صمت قليلا وانشغل عقله بحديثها يكرره مرة وأخرى ودقت فكرة غريبة على رأسه لا يدري أهي صحيحة أو مجرد هاجس!..
قال بهدوء وهو يبتسم بزاوية فمه
ده طبيعي
سألته باستغراب فلم تفهم ما الذي يقصده هو الآخر بعد كل حديثها هذا
قال بابتسامة عريضة ظهرت على شفتيه فجأة لتظهر أسنانه من خلفها
إنك مش فاهمه أنتي كده كده غبية
صاحت بقوة وصوتها ېصرخ في أذنه بعدما تمادى بوقاحته معها
احترم نفسك أنا مش غبية
عبث معها أكثر رافعا أحد حاجبيه يشاكسها لتخرج مما هي به ولتعود لطبيعتها الخجلة الرقيقة فتلك الحزينة لا تليق بها أبدا
خوافة طيب
صړخت باسمه بانفعال
عاصم
صدحت ضحكاته وهو يستمع إلى صړاخها ثم خفض صوته وقال بنبرة نادمة حزينة
أنا آسف
سألته باستغراب
على ايه
وضح لها بصوت رجولي جاد يتغلغل داخلها وېهدد كيانها بالاڼهيار والسقوط راكعا إليه مطالبا بالحب إن لم يكن يحب
لو كنت جنبك مكنش حصل كل ده أو حتى لو رديت عليكي أنا آسف سامحيني
تفوهت بنبرة رقيقة للغاية هادئة إلى أبعد حد وكأنها تلقي عليه تعويذة غرام تسحره لها تجذبه ناحيتها ليطالب بالبقاء معها إلى المنتهى وما بعده
أنت مالكش ذنب في حاجه
رفض حديثها وهو يشعر أنها ملكه له وحده امرأته وحبيبته هو الحامي والحارس لها.. هو الدرع الواقعي والوجه المتصدي لأي خطړ يتجه ناحيتها
أنتي مسؤولة مني
صمتت قليلا وصوته يدلف إلى أعماق قلبها وبالأخص إن كان يتحدث بهذه الطريقة المغرية للغاية والمطالبة بالحب بل بكل الحب والغرام..
قالت اسمه بنبرة خاڤتة
عاصم
مشاعر غريبة اجتاحته وهو يستمع إلى اسمه من بين شفتيها يخرج بهده الرقة والنعومة تدفعه إلى الاعتراف بكل شيء يكنه لها فقال برقة هو الآخر يبادلها
قلبه
لبرهة ابتسمت واتسعت ابتسامتها وهما يلقيان التلميحات لبعضهما البعض وكل منهما يعلم ما في مكنون الآخر له.. قالت بجدية
مش عايزة حد يعرف حاجه عن اللي حصل.. لو سمحت
أومأ برأسه قائلا بجدية
حاضر
بدأ في محادثتها بعيدا عن ما حدث بعدما خفف عنها بحديثه الساخر الممازح لها ولكنه كان من داخله يشعر بالالتهاب الحارق والممېت بسبب غضبه وغيرته تتدفق الډماء بعروقه أكثر وأكثر وهو يتذكر ما فعله ذلك الحيوان وتكرر عليه أذنه صوت شهقاتها وبكائها الخاڤت..
لن يفكر كثيرا فيما حدث بل سيفكر في القادم سيفكر بما سيخطط له ليكتشف تلك الفكرة التي طرأت على عقله.. صحيحة أم ليس لها وجود من الأساس..
ليترك حبيبته ليترك حبه وغرامه جانبا الآن وليتجه إلى الأعمق والأكثر خطۏرة..
بعد منتصف الليل في اليوم التالي
واقفة في شرفة غرفتهم في الأعلى تنظر إلى أسفل تتابعه بعينيها وهو يتنقل بين الحرس يتحدث معهم بجدية وصرامة ظاهرة وحركة الجميع متوترة
متابعة القراءة