رواية ساكن الضريح بقلم ميادة مامؤن
المحتويات
يا حبيبي واحنا اسفين ليك يابني اننا حطناك في الموقف ده بس احنا فعلا لازم نروح بيت جدك
وقع يا ماجده بيت ابوكي وقع من سنين
بتقول ايه يا شيخ حسان بيت ابويا وقع ازاي
زي ما بيقولك كده يا ختي بيت ابونا وقع بكره الصبح هبقي اخدك وتروحي تشوفيه لو
مش مصدقاني
خلاص بقى يا مجوده انتو هتقعدو معانا هنا هو انا ماوحشتكيش يابت ولا ايه
لم يكن يسمعها لقد شتت صغيرتها تفكيره وسيطرت على كل حواسه ببكائها الحار لكنه انتبه لتلفظها اسمه ثم لصوت أبيه.
خلاص مافيش زعل ولا حاجه ياام شذى يلا يا حاجه مجيده قومو حضرو لينا العشا بقى خلينا ناكل لقمه سوي
يلا شذى قومي يا حبيبتي
اطاعتهم ووقفت خلفهم ولكنها ترنحت في مشيتها
وفجأة أظلمت الدنيا من حولها وسقطت ارضا
شذى بنتي الحقوني بنتي هاتروح مني
انحنو عليها جميعا وسط صړاخ والدتها واذا بوالدته تحنيه ڠصبا وهي تصرخ فيه
شيل بنت خالتك وطلعها فوق يا دكتور وشوفها حصلها اي
جرت والدته أمامه لتفتح له باب الغرفه الملتصقه بغرفته تماما
ارقدها في الفراش وجرى على غرفته حتى يأتي بحقيبته الطبيه وسريعا ماحضر إليها
اخرج سماعته الطبيه وبدء بالكشف عليها وهو يتسأل بعض الاسئله لوالدتها
هي بتشتكي من حاجه يا خالتي
استغفر ربه بصوت عالي
ياخالتي ارجوكي تفهميني لو سمحتي بنتك مريضه بأي مرض عضوي او بتاخد ادويه مزمنه
لأ يا مالك بس دي مش اول مره يغمى عليها وو...
لو سمحتي كملي عشان اقدر اعرف اللي عندها
حاضر يا بني انا هاقولك شذى اكتر من مره
يحصلها ڼزيف ويغمى عليها
اممم واضح جدا طبعا ان بنتك عندها انميا عاليا ودا باين من صفار اظافرها وبرودة جسمها ودا حصل من الڼزيف المتكرر
على العموم انا هعلق ليها محاليل دلوقتي وبكره الصبح انشاء الله ناخدها المستشفى واعملها كل التحاليل والفحوصات
هو ايه اللي حصل
مسحت خالتها على رأسها بحنان وهي تبتسم لها ابتسامتها البشوشه
ماحصلش حاجه يا بنوته يا قمر انتي شكلك كده عايزه تعرفي غلاوتك عندنا من اول يوم
ابتسمت لها بحب والټفت الي والدتها الباكيه حتى تستفهم منها
اغمى عليكي تاني يا شذي والدكتور مالك ابن خالتك شالك طلعك هنا وهو اللي كشف عليكي وجرى جابلك العلاج ده وعلق ليكي المحلول
حاولت أن تعتدل فعاونتها وهي تقول
هو دكتور
ضحكت خالتها
اومال ايه دكتور جراح اد الدنيا وواخد شهادته من بره كمان وقعد في بلاد بره يجي عشر سنين بس حبه للحسين وشوقه ليه رجعه تاني
حبه للحسين انا مش فاهمه حاجه ياخالتو
هافهمك يا روح خالتو
اصل مالك من وهو صغير كان على طول بيروح مع ابوه جامع الحسين يصلوا فيه عشان قريب مننا يعني ويحضرو حلقات الذكر ويحفظ القرأن والاناشيد الدينيه واتعلق بالضريح اوي
كان كل ما يبقى نفسه في حاجه يروح جنب الضريح ويقعد يدعي ربه ويصلي وربنا يستجيب لدعاه
لحد ما أصحابه طلعو عليه ساكن الضريح
طب وفين مراته وولاده انا مش شوفتهم ولا هو متجوز بره
ارتسم الحزن على وجه خالتها وتنهدت پألم
ولا بره ولا جوه مالك مش متجوز عدي التلاتين سنه ورافض الحكايه دي وكل ما افتح معاه الكلام يقولي انا مافيش في حياتي غير شغلي و الحسين ومافيش في دماغي حاجه تانيه
ربتت اختها على كفها بحب تحاول أن تخفف عنها
ربنا يسعده ويريح قلبه ماتخفيش عليه ابنك طيب وراجل جدع وإنشاء الله ربنا هيرزقه ببنت الحلال
التفتت للجهه الأخرى تحمل طبق الطعام من علي الكمود المجاور لها وهي تضحك
يا رب يا ختي يلا بقي يا شذى لازم تاكلي الطبق دا كله احسن دا الدكتور مالك منبه علينا انا ومامتك انك تاكلي كويس
ماليش نفس ياخالتو انا اصلا مش باكل كتير حتى اسألي ماما
ماينفعش الا الاكل لازم تاكلي دا مالك راح مخصوص للجزار جابلك كبده وجابلك عسل اسود وعملك بأيده عصير بنجر وقالنا لازم تاكلي كل حاجه فيها حديد لحد مايخدك بكره المستشفى ويعملك التحاليل
كل ده طب انا هاكل بس بلاش حكاية التحاليل دي انا كويسه على فكره
ماهو باين انك.
كويسه اوي اهو بس بقولك اي ماينفعش نقوله لاء ده في شغله مابيهزرش وهايتعصب علينا لازم نسمع كلامه
انكمشت داخل نفسها عندما تذكرت وجهه الغاضب لقد رأت بنفسها جزء من تعصبه
حاضر موافقه بس ماتخلونيش اروح معاه لوحدي والنبي
حاضر طبعا هنروح معاكي انا ومامتك هو احنا هانسيبك
طب هو فين انا عايزه اشكره واتأسف ليه على الطريقه اللي كلمته بيها
مش هنا دا راح المسجد مع ابوه اصل النهارده مولد الحسين رضي الله عنه وزمانهم في حلقة الذكر دلوقتي
الله انا نفسي اوي يا ماما اروح هناك
حاضر يا حبيبتي قومي انتي بس بالسلامه يارب وهناخدك نزورك الحسين والسيده وكل ال البيت كمان
لاء ياخالتو والنبي عايزه اتفرج على المولد انا اول مره احضر حاجه زي دي
طب اقولك خلصي الطبق ده كله واشربي عصير البنجر ده وانا هاتصل بمالك واخليه يجي ياخدني بس يارب مايكونش في حلقة الذكر احسن ده لو كان هناك عمره ما هيرد على تليفونه
اعطتها طبق الطعام وبدأت الصغيره تأكل بحماس
وهمت لتحدث ابنها عبر الهاتف ولكن اختها اوقفتها
استنى بس يا مجيده تروح فين احنا في اي ولا في اي بس دا ابوها لسه مېت امبارح وهي عايزه تروح المولد
حركت لها يدها في الهواء بعدم اهتمام وامسكت هاتفها تبحث عن اسم ولدها فيه
ياختي الحي ابقى من المېت وبعدين هو احنا رايحين نرقص داحنا رايحين بيت ربنا
الو ايوا يامالك انت فين يا حبيبي.
بدلو ملابسهم وارتدت عباءه سمراء ولفت حجابها الاسمر على رأسها مما أظهر بياض وجهها وجماله وجلست تتوسطهم بالأسفل بعد أن انتزعت تلك الكالونه من يدها
وحضر هو بوجه متهجم وكأنهم اخرجوه من الجنه
ولكن ما أدهشها هيئته هذه هل هذا هو الذي كان طيلة اليوم يرتدي حلى رسميه وعليها مئزرا شتوي طويل
الأن يرتدي جلباب اسمر و على اكتافه يضع عباءه بنيه اللون صوفيه من خامة الجوخ
إنه حقا وسيم في كل حالته
تقدمت والدته منه عندما رأت عيناه الغائمه وعلمت تذمره
خير يا أمي مسيباني حلقة الذكر وجايباني تاني ليه
معلش يا حبيبي انا رجعتك عشان بنت خالتك بس نفسها تشوف المولد وتزور الحسين
وانا مالي هو انا هشتغل ليها دكتور ومرشد سياحي كمان وبعدين دي واحده
مريضه ولازمها راحه والدنيا هناك زحمه جدا
ماتخفش يا ابيه انا والله بقيت كويسه
كان هذا صوت شذى التي اقتربت منهم بهدوء ولأول مره يتطلع على وجهها ويري ابتسامتها
ويا محلي تلك الابتسامه مع هذا الوجه البرئ
غض بصره سريعا قبل أن يسرح في ملامحها الجميله
وهو يستمع اليها
كنت عايزه اقولك اني اسفه يا ابيه على الطريقه اللي كلمتك بيها و متشكره يعني عشان تعبتك معايا طول اليوم وكمان لما جينا هنا.
يا الله هي فعلا كالملاك جميلة المنظر بريئة الخلق
ابتسم دون ارادته واجاب بهدوء
انا ماعملتش حاجه انتي اختي الصغيره ومافيش واحد بيشوف اخته واقعه في مشكله ومش بيساعدها مش كده برضو
رفعت رأسها له بفرحه جميله واجابته سريعا وهي تجذب يد والدتها وخالتها
كده كده طب يلا بينا بقى بسرعه عشان مش نتأخر يلا يا ماما يلا ياخالتو واقف ليه يا ابيه
تقدموه الثلاثه يسبقوه للخارج وهم يضحكون ووقف هو ينظر إلى طيفها مبتسما
وعلى كل يبدو ان هذا المنزل سيملئه المرح في الأيام القادمه وسيحدث ما لا يحمد عقباه على يد تلك الصغيره
سلم أمره الي الله ضاربا كفيه بجانبيه واتجه للخارج ليلحق بهم
عادو جميعا الي البيت الا هو لم يأتي معهم وظل هناك وفي طريق عودتهم رأته يذكر وسط الرجال وينشد مع الشيخ ياسين التهامي في حفل مهيب له
شعرت بالسکينة والاطمئنان داخل قلبها لأول مره تبدلت ملامح وجهها من الحزن الي الفرح ومن الشحوب الي احمرار وجنتيها أثر تفكيرها العميق به وبوسامته و تدينه
ولكن الشيخ حسان قرر ان يخرجها من شرودها هذا ويشركها معهم في الحديث
مالك يا شذى ساكته كده ومش بتشتركي معانا في الحديث
ها أبدا يا عمو انا قاعده معاكم اهو اومال هو ابيه مالك مارجعش معانا ليه
ابتسم لها بهدوء وعلم ان شرودها هذا ما كان الا تفكيرا في أبنه فقط
لاااا دا الدكتور مالك لسه قدامه لبعد الفجر علي ما يجي قومو انتو ناموا عشان الصبح تصحو بدري وياخدكم معاه المستشفي
أومئو جميعا له وصعدو الي غرفهم ودلفت هي ووالدتها تلك الغرفه التي خصصتها خالتها لهم وبدؤو في تبديل ملابسهم
تعرفي ياماما اني حاسه براحه كبيره اوي هنا
طبعا ياحبيبتي بيت خالتك بيت مبروك كفايه أن صوت القرأن مش بينقطع منه والشيخ حسان كان زمان بيعمل موائد ويعزم المشايخ كلهم هنا ويعقد حلقات الذكر كمان ماعرفش بقى لسه مستمر على كده ولا لاء
ياريت يا ماما مانسيبش البيت ده انا حاسه فيه بالأمان عكس بيتنا خالص
مافيش مقارنه بينهم اصلا يا شذى نامي يا بنتي
نامي ربنا يعمي عيون اهل ابوكي ويبعدهم عننا.
شهقت واعتدلت من نومتها بسرعه
ده مش بعيد
اعتدلت والدتها هي الأخرى برهبه
بتقولي ايه لالالاء اكيد امه هاتمنعه انه يقرب مننا تاني نامي وماتفكريش في الموضع ده اوعي تقولي كده قصاد خالتك مش عايزين نقلقها معانا
حاضر يا ماما بس والله لو جيه هنا وقرب من ابيه مالك لكون ضارباه واموته واخلص منه بقي
حيلك حيلك انتي اللي هتوقفي لأشرف وكمان هتموتيه عشان مالك
ها اه طبعا مش كفايه انه دافع عننا وحمانا واخدنا من البلطجي ده وكمان
بس كفايه نامي بقى وإنشاء الله مش هيحصل حاجه
اطاعتها ورقدت بجانبها معطيه لها ظهرها وظلت تري طيفه امامها الي ان اغمضت عيناها وذهبت في نوم عميق
وعند بزوغ الشمس شعرت بالعطش واستيقظت من نومها التفتت حولها ولكنها لم تجد ماء فقررت ان
تترجل الي الاسفل لتأتي بزجاجة مياه تروى بها ظمئها
بحثت عن غرفة الطعام الي ان وجدتها وظلت بها لتجلب مطلبها
كان هو عائد من الخارج
متابعة القراءة